أضحك الملايين بخفة ظله وتعابير وجهه وأقتحم قلوب جماهيره في زمن الفن الجميل وسط النجوم زملائه، ولكن برغم الضحكات والإبتسامات التي دائماً يرسمها علي وجوه مشاهديه، إلا أن عيناه قد ذرفت دموعاً غزيرة علي المجد الذي رحل وولي، وجسمه الذي أصيب بالشلل فجعل منه جسداً منهمكاً، وتحولت ضحكاته إلي دموع، وقواه إلي وهن، وظل يعاني في أخر أيامه، لدرجة أن جثته ظلت فترة علي السرير حتي يتكمل نفقة الجنازة والدفن، محطات مؤثرة في حياة “رياض القصبجي” سنعرضها عليكم.
ولد في 13 سبتمبر عام 1903م في عائلة من الصعيد، وتحديداً في محافظة سوهاج بقرية تدعي “جرجا”، وأسمه الحقيقي “رياض محمود حسن القصبجي”، عاش في أسرة متوسطة الحال، وأصاب هذه الأسرة وباء الثأر ووقع الإختيار علي رياض، وهذا ما دفعه إلي الفرار هارباً إلي محافظة الإسكندرية، ولأنه لم يلتحق بالمدارس وليس حاملاً لأي شهادات فإضطر أن يعمل “كمساري” في السكة الحديد.
«الشاويش عطية» الذي فر هارباً خوفاً من الثأر وتزوج 9 مرات وتخلى عنه «إسماعيل يس» أثناء إصابته بالشلل.. محطات مؤثرة في حياة «رياض القصبجي»
وأحب الفن منذ نعومة أظافره وجعله هذا الحب ينضم إلي فرقة التمثيل المنتمية للسكة الحديد التي كان يعمل بها، حتي أصبح من أبرز أعضائها، ولكن لم يقدر أحداً طموحاته وتصدوا لها، فدفعه ذلك إلي تقديم إستقالته وترك الوظيفة.
رحلة البحث عن الشهرة والمجد
إنطلق رياض إلي محافظة القاهرة حتي يبدأ سلم المجد والشهرة الفنية عن طريق مشاركته في مسارح “روض الفرج”، وكانت هذه المسارح تجوب في محافظات مصر، ومن خلالها تعرف علي الفنان الراحل شكوكو الذي قدمه إلي الفنان الراحل علي الكسار ليضمه إلي فرقته، وبالفعل كان أول دور له في عام 1939 بفيلم “سلفني 3 جنيه”، وتقاضي في هذا الدور مبلغ وقدره خمسون قرش، ولكن بدأت حياته المعيشية تتطلب ماديات أكثر مما جعله ينتقل إلي العديد من فرق المسرح، ولكن زوجته لم تتحمل تعثر الحياة المادية معه، فطلقها.
الشاويش عطية
بدأت حياته في التقدم نحو الفن رويداً رويداً في منتصف الثلاثينات، من خلال مشاركتها في بعض الأفلام التي لعب فيها دور الشرير، وظل هكذا حتي إلتقي بالفنان الكوميدي الراحل إسماعيل يس، وشكلا سوياً ثنائي شهير في تاريخ السينما المصرية وأفلام الزمن الجميل، فقد شارك القصبجي معه 9 أفلام حملت إسم إسماعيل يس، فكان أول فيلم عملا فيه سوياً في عام 1954 بعنوان “مغامرات إسماعيل يس”، وإختتماها بفيلم “إسماعيل يس للبيع” وذلك في عام 1958، وجسد فيهم القصبجي دور علم في تاريخ السينما المصرية وهو دور “الشاويش عطية” الذي قد نسب له ونسي أسمه الحقيقي عند بعض الناس.
زوجاته
في لقاء ما لإبنه “فتحي” كشف بأن والده “رياض القصبجي” ضد تزوج 9 مرات في حياته، منهم أربع زيجات بشكل رسمي (علي سنة الله ورسوله)، وخمس زيجات عرفي، وكان من بينهن سيدة إيطالية تزوجها لمدة عام، وأخري من البدو تعرف عليه من خلال تصوير فيلم “عنتر وعبلة”، وله ثلاث أبناء، ويذكر أن له حفيدة تدعي “جويا” كانت تعمل في مجال الإعلانات، إلا أنها مؤخراً قررت أن تحترف التمثيل.
«الشاويش عطية» الذي فر هارباً خوفاً من الثأر وتزوج 9 مرات وتخلى عنه «إسماعيل يس» أثناء إصابته بالشلل.. محطات مؤثرة في حياة «رياض القصبجي»
مأسآته مع الشلل
في يوم من الليالي التي رجع فيها بعدما سهر مع أصدقائه، قام بتشغيل أغنية لأم كلثوم وكان يستمع إليها، وبينما هو جالس وإذا يهم بالقيام من مكانه، ولكنه لم يستطع النهوض، فبكي وسقط علي الأرض، ونقل إلي المستشفي، وعندما فحصوه الأطباء هناك إكتشفوا إصابته بشلل نصفي بسبب إرتفاع ضغط الدم.
زادت تكلفة العلاج فوق المتوقع فلم يتحمل القصبجي أن يتكفل بها وأصبح حاله المادي ضائقاً، وتخلت عنه نقابة الممثلين في ذلك الوقت، ولكن الفنان الراحل محمود المليجي عندما علم ذلك قرر أن يذهب إلي بيته وجاء المنتج جمال اليثي بعده مباشرة وقررا الإثنان أن يكونون جمعية من أجل جمع التبرعات والقيام بكافة تكاليف علاج القصبجي، وإستطاعوا أن يجمعوا مبلغ مالي قدره 300 جنيه، كان ذلك المبلغ بمثابة أجره في عام.
وفي لقاء تليفزيوني مع نجله “فتحي” صرح بأن إسماعيل يس لم يزور والده في البيت أثناء مرضه، وهذا ما جعله يبكي لم يكن متوقعاً ذلك منه، وزاره الفنان الراحل فريد شوقي وأخذ يهون عليه ببعض الكلمات قائلاً له “أنا معاك، وحش الشاشة مش كفاية ولا إيه”.
«الشاويش عطية» الذي فر هارباً خوفاً من الثأر وتزوج 9 مرات وتخلى عنه «إسماعيل يس» أثناء إصابته بالشلل.. محطات مؤثرة في حياة «رياض القصبجي»
«الشاويش عطية» الذي فر هارباً خوفاً من الثأر وتزوج 9 مرات وتخلى عنه «إسماعيل يس» أثناء إصابته بالشلل.. محطات مؤثرة في حياة «رياض القصبجي»
نهاية القصبجي
في عام 1962 كان المخرج حسن الإمام يقوم بتصوير فيلم “الخطايا” وقرر حينها أن يرسل إلي القصبجي كي يعمل في الفيلم، خاصة عندما علم أنه قد بدأ يتعافي، وبالفعل جاءه وهو مسرور وسعيد لعودته مرة آخري إلي العمل وطلبه المنتجين له، ووقف في البلاتوه أمام الكاميرا، لكن لحظات وأسقط علي الأرض لم تتحمله قدماه، فساعده العاملون هناك حتي نهض ورجع إلي بيته مرة آخري وهو في قلبه حزن وآنين، وكانت هذه هي آخرة مرة يدخل فيها البلاتوه.
وفي يوم 23 إبريل عام 1963 رحل الشاويش عطية عن عالمنا وصعدت روحه إلي بارئها، عن عمر يناهز 60 عام، بعدما قضي ليلة الوداع الأخيرة مع أسرته، وعلي الفراش ظل جثمانه راكداً حتي أكملت عائلته مصاريف الجنازة والدفن، وتكفل بها المنتج جمال الليثي.
التعليقات